العدد 6100
الجمعة 27 يونيو 2025
banner
الحرب النفسية تأخذ دورها في الحرب الإسرائيلية الإيرانية
الجمعة 27 يونيو 2025

هي حرب نعيشها ولا نراها، وهي من أشد الحروب، إنها الحرب النفسية التي تهزم العدو معنويًا ونفسيًا قبل أن تبدأ الحرب التقليدية. والمبدأ الذي تقوم عليه هذه الحرب هو “خاطب عقولهم وستتبعك أرواحهم وقلوبهم”، وترفع الكثير من دوائر الحرب النفسية في وكالات الاستخبارات الدولية هذا الشعار كمبدأ رئيسي في عملها. في العصر الحديث، شكلت هذه الحرب الأدوات الأمضى باعتبارها سلاحا متعدد الاستخدامات والميادين، فكان ما يُصطلح على تسميته بـ “العمليات النفسية” التي تهدف إلى “إيصال معلومات ومؤشرات محددة إلى الجمهور للتأثير على عواطفهم ودوافعهم وتفكيرهم”. يقول تشرشل: “كثيرًا ما غيرت الحرب النفسية وجه التاريخ”، ويقول ديغول: “لكي تنتصر دولة ما في حرب فإن عليها أن تشن الحرب النفسية قبل أن تتحرك قواتها إلى أرض المعركة، وتظل هذه الحرب تساند هذه القوة حتى تنتهي من مهمتها”. أما رومل فيرى أن “القائد الناجح هو الذي يسيطر على عقول أعدائه قبل أبدانهم”، ويضيف الدكتور حامد زهران “وتعتبر الحرب النفسية أضمن سلاح تستخدمه الدول في الحرب الحديثة لأنها تقوم بالدور الفعال في قتل إرادة ومعنويات الخصم، والحرب النفسية من أهم موضوعات الساعة وهي أخطر أنواع الحروب”.

الحرب النفسية أو ما تسمى بالحرب اللانمطية في علم النفس العسكري، هي الحرب التي نعيشها ونشعر بتأثيرها علينا ولا نعرف من أين تأتي، وهي من أشد أنواع الحروب فتكًا، فهي تستهدف تحطيم معنويات وعزيمة الشعوب أولاً، ثم تدمير الإنسان من الداخل قبل أن تستهدفه من الخارج، وأكبر دليل على ذلك ما قامت به إسرائيل في بداية الحرب عندما أصدرت نداء “بأن على جميع سكان طهران المغادرة فهذا يبث الروع والخوف في نفوس الناس حتى ولو كان الخبر كاذبا، وبالمقابل تبث وسائل الإعلام الإيرانية بأن على سكان تل أبيب الخروج من مدينتهم فهذا يبث الخوف في نفوس السكان، وكذلك عندما يصرح رئيس وزراء إسرائيل بأن ما استخدمناه من الأسلحة حتى الآن قليل مقابل ما لم نستخدمه، وبالمقابل الإعلام الإيراني يبث نفي الخبر، وهكذا تستمر الحرب النفسية في نشر الأخبار الكاذبة بين الطرفين وهي أكثر فتكا من الصواريخ.
كذلك الدعوة التي وجهتها القوات الإسرائيلية للضباط المتقاعدين بالانضمام إلى الجيش، وأن عشرين ألف مقاتل سينضمون للجيش، لها تأثير على معنويات الطرف الآخر، كذلك عندما وجه رئيس وزراء إسرائيل بقوات الاحتياط بالانضمام إلى الجيش وبالمقابل عندما صرح الرئيس الإيراني بأن لدى إيران صواريخ لم تستخدم بعد، هذه كلها حرب نفسية بين الطرفين.
الخلاصة أننا لو تتبعنا الحرب الإسرائيلية الإيرانية منذ بدايتها لوجدناها بالمقام الأول حربا نفسية بدأت منذ زمن بعيد، وذلك أن انهزام الإنسان أكبر من انهزام الآلة.

كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية

OSZAR »