“النجوم لا تُمسك باليد، بل تُدرك بالبصر.” ها هي مملكه البحرين تؤكد مجددًا أن الرؤية الواضحة تصنع المعجزات، وتفتح الأبواب نحو فضاءٍ طالما عُدّ خيالًا بعيد المنال. 

بخطوة واثقة نحو المستقبل، ارتقت الطالبة البحرينية جواهر راشد فرحان من مدرسة المهد إلى مدار الإنجاز، لتكون أول رسامة بحرينية يصل عملها الفني إلى الفضاء، بعد فوزها في مسابقة “مداك” التي نظمتها وكالة الفضاء السعودية.

هذا الإنجاز ليس مجرد قصة عابرة في صحيفة عن فوز طالبة، بل هو مؤشر على تنامي حضور البحرين في ميادين العلوم المستقبلية والابتكار. وهو يبرهن أن الاستثمار في العقول الشابة يجب أن لا يُعد ترفًا، بل ضرورة وطنية. وخلف هذا النجاح كان الدكتور محمد العسيري، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء البحرينية،  الذي احتضن - وفريقه المثابر- موهبة جواهر، مؤمنًا أن التقاء الفن بالعلم يخلق لحظة سحرية قد تمتد حتى إلى الفضاء.

الشراكة بين الوكالتين البحرينية والسعودية تُجسد أنصع صور التعاون الخليجي، حيث لا حدود للأحلام، بل تتحول إلى مشاريع مشتركة تتجاوز حدود الأرض. لم تكتف هذه الشراكة بتمكين جواهر من حجز مكان لها بين النجوم، بل أشعلت أيضًا شرارة التبادل التربوي والفكري، وغيرت من طريقة تفاعل الناشئة مع مفاهيم العلم والابتكار عبر الخيال والأسلوب الإبداعي.

ما يمكن بناؤه على هذا الإنجاز يفوق بكثير ما تحقق حتى الآن. فهل يمكن، مثلًا، إنشاء “مرصد الفضاء المدرسي” بالتعاون بين وزارتي التربية والاتصالات؟ مشروع بسيط في أدواته، عظيم في أثره ، من شأنه ان يمنح الطلاب فرصة لمراقبة النجوم والكواكب، وتقديم مشاريع فنية وعلمية مستوحاة من مشاهداتهم الفلكية؟ ولمَ لا يتم أيضًا إطلاق جائزة وطنية سنوية بعنوان “مواهب المدار” لتحفيز من يسهمون في دمج الإبداع بالتقنية؟

اليوم، مملكه البحرين لا تكتفي بمجاراة سباق المعرفة، بل بدأت تضع بصمتها في فضاءات كانت يومًا حكرًا على القوى الكبرى. أن يكون عمل لطالبة مدرسية هو ما يصل إلى الفضاء، فذلك أكثر من مناسبة للاحتفاء ، إنه وعي مشترك بأن الإيمان بالجيل الجديد يمنحنا موقعًا لصناعة المستقبل، لا الانتظار على هامشه.

وكما قال نيلسون مانديلا:
“التعليم هو أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم". 

ويبدو أن مملكه البحرين قد بدأت -وبثقة -في تسليح أجيالها بما هو أقوى من السلاح: الخيال، والعلم، والحلم.