العدد 6080
السبت 07 يونيو 2025
معادلةُ النّحر!
السبت 07 يونيو 2025

تحتل مكانة مهمة في شريعة خاتمة الرسالات، كما برزت أهميتها في محافل دينية واجتماعية واقتصادية عدة. كيف لا تكون، وهي من السنن العبادية التي يتقرب بها إلى خالق الأكوان جلّ شأنه، يتعلمون فيها قيم العطاء والتضحية وتقوية روابط التحاب والتعاون والتضامن بين الأفراد والجماعات، وتشجيع الإنفاق في سبيل الجبّار ومنهاجه المتعال، والتي - كثيرا ما - تذّكر بأنّه المالك الحقيقي الأوحد لما يملكه العباد، وإنْ هم إلا مستخلفين على ما يملكون، فضلا عن إسهامها في كفاية الفقراء والمحتاجين وإدخال السرور على قلوبهم، إلى جانب إنعاشها قطاعات الاقتصاد في حقول الزراعة والتجارة والمواصلات بعد أنْ تجلّت فيها معاني الطاعة والإيمان والنفع العام والتكافل الاجتماعي؛ تقربا إليه سبحانه وإحياء لسنة نبيه.

“الأضحية” التي شرعت في السنة الثانية للهجرة النبوية الشريفة، من العبادات العظيمة والطاعات الفضلى التي يتقرّب بها العبد للعليّ الأعلى بتقديم القرابين إليه وتعظيم شعائره، ورعاية أنعمه في أكلها وشربها وسلامتها؛ لا تأتي إلا امتثالا لسيدنا إبراهيم الخليل (ع) لأمر ربّه في رؤية ذبحه ابنه إسماعيل في المنام – وهي وحيٌ من ربّ العزّة والجلالة – بعد أنْ عرض على ابنه الأمر، فما كان منه إلّا الطاعة والاستسلام، فهمّ عندها سيدنا إبراهيم الخليل (ع) بذبحه، فأكبّه على وجهه، ثمّ سمّى الابن وكبّر وتشهد، وبدأ سيدنا إبراهيم الخليل (ع) بإمرار السكين على منحر إسماعيل، لكنّها بقدرة القادر العظيم فقدت تأثيرها، وفي الأثناء سمع سيدنا إبراهيم الخليل (ع) مناديا يخبره بأنّه قد صدّق الرؤيا فافتداه بكبش عظيم.

 

نافلة:

يأتي عيد القربان أو النّحر – الذي يصادف العاشر من ذي الحجة في آخر شهر بالتقويم الهجري – بكثرة أعماله، وفق “معادلة” إراقة دماء القرابين لأهل الموسم حين يرمون الجمرات ويتحلّلون من الإحرام ويقضون التفث (أي إزالة قذارة الشعر والأظفار) ويوفون النذور ويطوفون بالبيت العتيق في كفة، وفي كفّة أخرى مع أهل الأمصار الذين يجتمعون على الذكر والصلاة وذبح الأضاحي؛ تعبيرا عن الشكر له وحده وتذكيرا بتضحية سيدنا إبراهيم الخليل (ع) بما تحمله هذه التضحية من معاني الإحسان المتقن والتّشارك الخيّر، وبما تعزّزه من مفاهيم العدالة الاجتماعية والتكافل المجتمعي في أوساط المسلمين قاطبة.

اللهمّ إنّا نرغب إليك ونشهد بالربوبية لك مقرّين بأنّك ربّنا وإليك مردّنا، ابتدأتنا بنعمتك قبل أنْ نكون شيئا مذكورا، وخلقتنا من التراب ثمّ أسكنتنا الأصلاب آمنين لريب المنون واختلاف الدّهور والسنين. وكلّ عام وأنتم بخير.

 

كاتب وأكاديمي بحريني            

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية

OSZAR »